responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 305
مِنَ الْإِسْلَامِ نِفَاقًا، فَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ تَصْدِيقِهِمْ فِي إِيمَانِهِمْ، وَإِمَّا الْإِخْبَارُ بِأَنَّ الْكُفْرَ قَدْ رَسَخَ فِي قُلُوبِهِمْ فَصَارَ لَهُمْ سَجِيَّةً لَا يُحَوَّلُونَ عَنْهَا، فَإِذَا أَظْهَرُوا التَّوْبَةَ فَهُمْ كَاذِبُونَ، فَيَكُونُ عَدَمُ الْقَبُولِ بِمَعْنَى عَدَمِ الِاطْمِئْنَانِ لَهُمْ، وَأَسْرَارُهُمْ مَوْكُولَةٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ أَسْلَمَ بَعْضُ الْيَهُودِ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ: مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، فَلَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ.
وَقِيلَ الْمُرَادُ الَّذِينَ ارْتَدُّوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ، فَالْمُرَادُ بِالِازْدِيَادِ الِاسْتِمْرَارُ وَعَدَمُ الْإِقْلَاعِ. وَالْقَوْلُ فِي مَعْنَى لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَلَيْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا تَوْكِيدًا لَفْظِيًّا بِالْمُرَادِفِ، وَلِيُبْنَى عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وأياما كَانَ فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ مُتَعَيِّنٌ: لِأَنَّ ظَاهِرَهَا تُعَارِضُهُ الْأَدِلَّةُ الْقَاطِعَةُ عَلَى أَنَّ إِسْلَامَ الْكَافِرِ مَقْبُولٌ، وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْكُفْرُ، وَأَنَّ تَوْبَةَ الْعُصَاةِ مَقْبُولَةٌ، وَلَوْ وَقَعَ نَقْضُهَا عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ وَسَيَجِيءُ مِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [137] وَهُوَ قَوْلُهُ:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا.
[91]

[سُورَة آل عمرَان (3) : آيَة 91]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (91)
اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ حَالِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى كُفْرِهِمْ، نَشَأَ عَنْ حُكْمِ فَرِيقٍ مِنَ الْكُفَّارِ تَكَرَّرَ مِنْهُمُ الْكُفْرُ حَتَّى رَسَخَ فِيهِمْ وَصَارَ لَهُمْ دَيْدَنًا. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ مِنَ الَّذِينَ ازْدَادُوا كُفْرًا الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ، كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَالتَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ لِلْأُولَى
أُعِيدَتْ لِيُبْنَى عَلَيْهَا قَوْلُهُ: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً. وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْمُرَادُ بِالْمَوْصُولِ هُنَا الْعُمُومُ مِثْلُ الْمُعَرَّفِ بِلَامِ الِاسْتِغْرَاقِ.
وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَلَنْ يُقْبَلَ مُؤْذِنَةٌ بِمُعَامَلَةِ الْمَوْصُولِ مُعَامَلَةَ اسْمِ الشَّرْطِ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الصِّلَةَ هِيَ عِلَّةُ عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقْتَرِنْ خَبَرُ الْمَوْصُولِ بِالْفَاءِ فِي الْجُمْلَةِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 3  صفحه : 305
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست